-A +A
محمد أبو داود
لا بد من تطوير مستوى العلاج النفسي لدينا. في أمريكا 20 ألف شخص كل عام يطلقون النار على أنفسهم وينتحرون. في الدول الأخرى توجد الإحصائيات وتتنوع وليس هنالك سبب واضح حقيقي للانتحار، ولدينا في المملكة حالات انتحار تتجاوز المئات وفي تزايد سنويا. وينسى الموضوع حتى ينتحر فنان أو فنانة أو شخصية مشهورة. لكن الأهم ليس بعد حدوث المصيبة ولكن قبلها. حسب ما نسمعه من الأطباء النفسيين لأشخاص في المجتمعات تتراوح بين آلام مبرحة لأي سبب عضوي أو جسدي. أو مرض باركينسون أو بيبولار دبرشن أو الهوس الاكتئابي أو اضطرابات الدماغ أو اليأس من رحمة الله وهذا قنوط. والأسباب إما وراثية أو أن هؤلاء يمرون بعقد نفسية منذ نعومة أظافرهم واستغلال والمجتمع لم يفهم ولم يـعِ أنهم مرضى. والمجتمع لم يتأهل للتعامل مع حالاتهم. المجتمع لدينا يغطي على هذه المواضيع. هؤلاء يغضبون آباءهم وأمهاتهم وعائلاتهم بالخروج على الطاعة والحياة السوية. يعاقرون كل غريب. يتزاوجون خارج مجتمعاتهم ويهربون من واقعهم وثقافاتهم. تجد أحيانا الكثير منهم ناجحين في مجالهم فالخط بين الجنون والعبقرية متقارب. قمة الجنون المعلن رأيته بأم عيني على قناة تلفازية من شمال افريقيا، حيث يتجول رئيس الجمهورية السابق طبعا مع رئيس بلدية العاصمة أمام الكاميرا. ورأى بعض الأشجار في حديقة عامة صفراء اللون وسأل ماهو السبب. أجاب رئيس البلدية بأن هنالك نقصا في المياه (إجابة خطأ لرئيس مجنون) فسكت الرئيس واستمر الحديث والتجول مع فخامته. وفجأة شاهد الرئيس أنبوبا أو هوز يسقي المزروعات به ماء فأخذه وصب الماء على رأس رئيس البلدية أمام الكاميرا. وفي تلك الحالات يزيد المريض في تطرفه وجنونه وتحديه للمجتمع لأنهم عانوا لعقود ولم يعالجهم أحد. عاشوا في اكتـئاب ولم يتعرف أحد على المرض العقلي أو النفسي لديهم. وتركوا يسرحون ويمرحون بجنونهم. في مجتمعنا تصوروا شخصا قبل عهد التلفاز والتطور يجلد مثل مانراه في الأفلام السينمائية للتعذيب بحبال وسياط. وتخيلوا مدارس نسمع عنها كانت تستعمل مايسمى بالفلكة وأشياء أخرى في مناطق مختلفة لتأديب الأطفال. بل من المضحك المبكي ما سمعته من شيبان في منطقة زراعية أنهم كانوا يضعون الولد مع قطة في كيس ويربطونه لتأديبه ولكم أن تتخيلوا الباقي. هؤلاء الأفراد الذين مروا بهذه التجارب المجنونة يمشون بين ظهرانينا اليوم وان شابت رؤوسهم. ولم يعالجوا نفسيا إلى الان. وبعضهم وليسوا جميعا يمارسون أسوأ صور الانحراف في الخفاء ويحسبون أن المجتمع لا يلاحظ جنونهم. ينتقدون كل شيء وعلى كل مستوى وكل الحلول وهم مشكلة بحد ذاتهم، ويستغلون كل الناس لمصالحهم. هم لصوص في المجتمع ومنحرفون. حتى في تطرف الأفكار تجد هؤلاء. الإنسان السوي تجده إما متوازنا أو حتى في إبداعه معقولا مثل بيل غيتز أو ستيف جوبز أو أنشتاين وليس مثل خوارج العصور ومن حكموا بعض الدول مثل هتلر وموسوليني وتشايكوفسكي وزوجته بجنون ودمروها. نحتاج جميعا للتكاتف لمساعدة المرضى النفسيين.
Mohammed.abudawood@yahoo.com